[b]سأركز في هذه المقالة المدعمة بالتواريخ و بأقوال المفسرين في أمهات الكتب المعترف بها:
و سأستعمل هنا التواريخ الميلادية حتى تكون أقرب لنا في التصور.
الطبري ( 920م)، الزمخشري(1140م) الطبرسي ( 1150م) ،
الرازي ( 1210م) القرطبي ( 1275) ، البيضاوي( 1284) ،
بن كثير(1370م) ، الجلالان ( 1500م) و الشوكاني( 1830م)
سأوضح أن القرآن كان دائما
يجعل رجال الدين من المفسرين مترددين في تقبل النظرية العلمية متأثرين بظاهر القرآن و أنه عندما تتزايد الضغوط نتيجة تزايد المشاهدات المتعارضة كانوا يحاولون أولا المعارضة ثم يبدأون في مرحلة الإحتواء و التأويل ( التلفيق):
ويوجد أربعة مراحل تقابلهم عند مواجهة فكرة أو تصرف جديد يناسب العصر و يعارض ظاهر القرآن :
المرحلة الأولي : معارضة شديدة و محاولة كبت و تجاهل تام للمنطق ..
المرحلة الثانية : إرتباك و تأويل و تحايل و تلفيق حتى يواءموا بين القرآن و المستجدات
المرحلة الثالثة : تحت تأثير الحقائق الصارخة يضطرون الإنصياع و الموافقة على الرأي المخالف لظاهر القرآن و محاولة إحتواءه تماما داخل المنظومة حتى لا يُحسب عليها .
المرحلة الرابعة : في أي لحظة نتيجة ضعف مفاجئ عند أنصار التأويل أو قوة مفاجئة عند السلف نعود ثانية لمرحلة سابقة أو يتم القضاء تماما على الفكرة .
و الآن سأوضح تماما ما حدث :
المرحلة الأولى
: المفسرون العظام الأوائل واثقون من سلامة ظاهر القرآن
ففي كل التفسيرات المتواترة عن المفسرين العظام في القرن السابع و الثامن و حتى آخر القرن التاسع الميلادي و---هو ما سنجده واضحا و مؤيدا من الطبري(920)--- ستجد كل المفسرين يُجمعون أن المقصود أن الأرض تغرب في عين حمئة أي مطينة و سنجد أن الخلاف وقتذاك كان : هل هي عين حامية أم حمئة ؟؟
مثال
عن ابن عبـاس(695)، قال: قرأت { فِـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ }
وقرأ عمرو بن العاص فِـي عَيْنٍ حامِيَةٍ
فأرسلنا إلـى كعب، فقال: إنها تغرب فـي حمأة طينة سوداء.
وذلك رغم أن عصر الترجمة بدأ في حوالي عام 750 في أواخر الدولة الأموية و إزدهر تماما في عصر المأمون المتوفي عام (823) م ، أي أن معلومة عظم حجم الشمس و عدم معقولية سقوطها في الأرض كانت متوافرة و لكن ظاهر القرآن منعهم من رؤية الحق البين.
وهذا سنجده واضحا تماما في أقوال:
علماء القرن السابع و الثامن :
بن عباس (695) ، و سعيد بن جبير(713) الحسن البصري (715) عكرمة مولى بن عباس (720) ،) ومجاهد(720) و عطاء بن رباح(730) و عبد الرحمن الأعرج (735)و بن النجيح (750) عمرو بن دينار (750)بن جريج(765) )، نافع بن أبي النعيم (780) ورقاء بن عمر ، معمر بن راشد(767) ) عيسى بن يونس(800) بشر و يزيد ، محمد بن دينار و سعد بن أوس و مصدع ، سهل بن أبي الصلت،)،داود بن الحصين ،عثمان بن حاضر و إسماعيل بن علية
علماء القرن التاسع
و حجاج الأعور (802) ،) مروان بن معاوية (806) و عبد الله بن وهب(817) و أبو داود (818) ) ) و أبو عاصم(823 ) و عبد الرزاق بن همام(825) مـحمد بن سعد(845) محمد بن عمرو( 850) محمد بن المثنى(862 ) ، سعيد بن بشير(783) يونس بن عبد الأعلى (874) ،الحسين بن الجنيد(900) ، ، الحسن (900) محمد بن أبي عدي،عبد الأعلى بن عبد الأعلى، و سعيد بن مسلمة) الفضل بن داود الواسطي) القاسم ، و الحسين؛ محمد بن عبد الأعلى.
و معظم تلك الأسامي التى أكتبها متتالية و بدون عرض لها هي لناس من أفضل الناس خلقا و دينا و لها باع طويل في التفسير و كانوا حجة زمانهم فيه.
و يعبر عنهم قول إبن حنبل " هل عرفتم معنى لم يعرفه الرسول و الصحابة "؟
و قوله " أن القرآن ما وقع في أذن العامي"
، كل أولئك كانوا يؤكدون الكلام كما يقع في أذن العامي و هو الفهم العادي للقرآن و كان جل خلافهم هل العين مطينة ام ساخنة .؟؟حمئة أم حامية .
المرحلة الثانية :
الصراع بين السلفيين المصرين على ظاهر القرآن و المتنورين ( المعتزلة قادوا الإتجاه ) ، و تبليل بعض المفسرين العظام.
و لجوء الجدد للتلفيق و التحايل (و هو ما يسمونه التأويل).
إبتداءا من القرن العاشر الميلادي بدأ المفسرون يتأثرون بنتائج عصر الترجمة التى نتج عنها التعرف على علوم اليونانيين الذين كانوا موقنين أن الأرض كروية ، و يبدو أنهم لم يترجموا عن اليونانيين المدرسة التى كانت تقول بمركزية الشمس و التى ماتت في القرن الأول الميلادي، و بقت نظرية بطليموس التى تقول بمركزية الأرض.
و لذا حدث صراع في الأفكار بدأ من القرن العاشر الميلادي بين السلفيين الذين كانوا لا يريدون معارضة ظاهر القرآن و التقدميين الذين لم يكونوا يستطيعون إنكار العلم و المنطق السليم .
و كالعادة إنقسم التقدميون بين مطورين للدين و بين ملحدين يكفرون بالقرآن .
و التقدميون كان على رأسهم المعتزلة و كان شيخهم أبو على الجبائي ( 910) هو أول من وجدته من رجال الدين الذين عارضوا فكرة العين الحمئة .و تبعه بعد ذلك البلخي (930) و بن المنادي ( 944) أبو مسلم ( 980) و بدأ هذا الفكر في الإنتشار خصوصا بعد عصر الترجمة و عصور التقدم العلمي في مجال الفلك .
ة يأتي القفال ( 975) ليقول:" قال بعض العلماء:" ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغرباً ومشرقاً حتى وصل إلى جرمها ومسّها؛ لأنها تدور مع السماء حول الأرض من غير أن تلتصق بالأرض، وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض"
وقول القفال ههنا : " بعض العلماء " يوضح تماما أنه وقتذاك كان الفكر الجديد في بداياته و هو ما يتناسب تماما مع ما فرضناه قبلا .
و يقول القتبي الذي يعاصره :" ويجوز أن تكون هذه العين من البحر، ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها، فيقام حرف الصفة مقام صاحبه؛ والله أعلم"
و نري هنا بوضوح " التردد و الإرتباك " في لهجة القتبي في كلمات مثل " يجوز " و " أو" و " الله أعلم " بين ظاهر و صريح القرآن الذي أجمع عليه السلف الصالح كلهم و بين أقوال المحدثين مثل " الجبائي " شيخ المعتزلة و " البلخي" و " مسلم" و" المنادي"
و لكن لأن من الصعب دائما معارضة صريح و ظاهر القرآن، ظل هنالك من يعارض الأفكار الجديدة أو يتجاهلها و يرفض وضعها في المنظومة الدينية و أبرز مثال على ذلك هو : الزمخشري ( 1140) الذي يتجاهل في تفسيره المستجدات العلمية
في حين أن الطبرسي المتنور ( 1150) يرفض تماما الأفكار القديمة و يسفه فكرة أن تغطس الشمس في الأرض .
و عندما يأتى الرازي (1210) فهو لا يستطيع أن يُنكر بالطبع أقوال السلف الصالح و يورد قولهم و لكنه ينقضه من واقع العلم الحديث حينذاك خصوصا وأنه في هذه الفترة كانت العلوم الفلكية متطورة للغاية في منطقة العراق و إيران الحالية و بعدها بحوالي نصف قرن قام هولاكو ببناء مرصد " مراغة " بإيران و أقام عليه " نصير الدين الطوسي" .
و يقول الرازي هنا جملة هي في غاية الأهمية بالنسبة للبحث:
كان الذي يقال: إنها تغيب في الطين والحمأة كلاماً على خلاف اليقين وكلام الله تعالى مبرأ عن هذه التهمة، فلم يبق إلا أن يصار إلى التأويل الذي ذكرناه
و هو يقول بصراحة : ان المفهوم من القراءة العادية أن الشمس تغطس في البركة المطينة فأمامة سبيلان :
الأول : أن الله جاهل و هو ما يستوجب الإلحاد .
الثاني : التلفيق و هو الذي يسميه هو " التأويل "
و تستمر رحلتنا لنصل للقرطبي ( 1275) لنجده على نفس الخط من رفض أن الشمس تغطس في البركة المطينة
و لكن مع إعتقاد تام بأن للشمس مكان للطلوع و مكان للغروب.
المعنى أنه انتهى إلى موضع قوم لم يكن بينهم وبين مطلع الشمس أحد من الناس. والشمس تطلع وراء ذلك بمسافة بعيدة، فهذا معنى قوله تعالى: { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ }.
و في آخر تفسيره قال عن موضع الطلوع :
قلت: وهذه الأقوال تدل على أن لا مدينة هناك. والله أعلم. وربما يكون منهم من يدخل في النهر، ومنهم من يدخل في السّرب فلا تناقض بين قول الحسن وقتادة.
ولكن التحير نجده في البيضاوي المعاصر له ( 1284) فنجده يقول: ." ولعله بلغ ساحل المحيط فرآها كذلك إذ لم يكن في مطمح بصره غير الماء ولذلك قال { وَجَدَهَا تَغْرُبُ } ولم يقل كانت تغرب"
و كلمة " لعله " هنا تبين إرتباكه و عدم تيقنه ،
و أما عن قوله : يعني الموضع الذي تطلع الشمس عليه أولاً من معمورة الأرض، يدل على نفس الرؤية الخاطئة لمكان معين لطلوع الشمس.
يتبع في الموضوع التالي
و سأستعمل هنا التواريخ الميلادية حتى تكون أقرب لنا في التصور.
الطبري ( 920م)، الزمخشري(1140م) الطبرسي ( 1150م) ،
الرازي ( 1210م) القرطبي ( 1275) ، البيضاوي( 1284) ،
بن كثير(1370م) ، الجلالان ( 1500م) و الشوكاني( 1830م)
سأوضح أن القرآن كان دائما
يجعل رجال الدين من المفسرين مترددين في تقبل النظرية العلمية متأثرين بظاهر القرآن و أنه عندما تتزايد الضغوط نتيجة تزايد المشاهدات المتعارضة كانوا يحاولون أولا المعارضة ثم يبدأون في مرحلة الإحتواء و التأويل ( التلفيق):
ويوجد أربعة مراحل تقابلهم عند مواجهة فكرة أو تصرف جديد يناسب العصر و يعارض ظاهر القرآن :
المرحلة الأولي : معارضة شديدة و محاولة كبت و تجاهل تام للمنطق ..
المرحلة الثانية : إرتباك و تأويل و تحايل و تلفيق حتى يواءموا بين القرآن و المستجدات
المرحلة الثالثة : تحت تأثير الحقائق الصارخة يضطرون الإنصياع و الموافقة على الرأي المخالف لظاهر القرآن و محاولة إحتواءه تماما داخل المنظومة حتى لا يُحسب عليها .
المرحلة الرابعة : في أي لحظة نتيجة ضعف مفاجئ عند أنصار التأويل أو قوة مفاجئة عند السلف نعود ثانية لمرحلة سابقة أو يتم القضاء تماما على الفكرة .
و الآن سأوضح تماما ما حدث :
المرحلة الأولى
: المفسرون العظام الأوائل واثقون من سلامة ظاهر القرآن
ففي كل التفسيرات المتواترة عن المفسرين العظام في القرن السابع و الثامن و حتى آخر القرن التاسع الميلادي و---هو ما سنجده واضحا و مؤيدا من الطبري(920)--- ستجد كل المفسرين يُجمعون أن المقصود أن الأرض تغرب في عين حمئة أي مطينة و سنجد أن الخلاف وقتذاك كان : هل هي عين حامية أم حمئة ؟؟
مثال
عن ابن عبـاس(695)، قال: قرأت { فِـي عَيْنٍ حَمِئَةٍ }
وقرأ عمرو بن العاص فِـي عَيْنٍ حامِيَةٍ
فأرسلنا إلـى كعب، فقال: إنها تغرب فـي حمأة طينة سوداء.
وذلك رغم أن عصر الترجمة بدأ في حوالي عام 750 في أواخر الدولة الأموية و إزدهر تماما في عصر المأمون المتوفي عام (823) م ، أي أن معلومة عظم حجم الشمس و عدم معقولية سقوطها في الأرض كانت متوافرة و لكن ظاهر القرآن منعهم من رؤية الحق البين.
وهذا سنجده واضحا تماما في أقوال:
علماء القرن السابع و الثامن :
بن عباس (695) ، و سعيد بن جبير(713) الحسن البصري (715) عكرمة مولى بن عباس (720) ،) ومجاهد(720) و عطاء بن رباح(730) و عبد الرحمن الأعرج (735)و بن النجيح (750) عمرو بن دينار (750)بن جريج(765) )، نافع بن أبي النعيم (780) ورقاء بن عمر ، معمر بن راشد(767) ) عيسى بن يونس(800) بشر و يزيد ، محمد بن دينار و سعد بن أوس و مصدع ، سهل بن أبي الصلت،)،داود بن الحصين ،عثمان بن حاضر و إسماعيل بن علية
علماء القرن التاسع
و حجاج الأعور (802) ،) مروان بن معاوية (806) و عبد الله بن وهب(817) و أبو داود (818) ) ) و أبو عاصم(823 ) و عبد الرزاق بن همام(825) مـحمد بن سعد(845) محمد بن عمرو( 850) محمد بن المثنى(862 ) ، سعيد بن بشير(783) يونس بن عبد الأعلى (874) ،الحسين بن الجنيد(900) ، ، الحسن (900) محمد بن أبي عدي،عبد الأعلى بن عبد الأعلى، و سعيد بن مسلمة) الفضل بن داود الواسطي) القاسم ، و الحسين؛ محمد بن عبد الأعلى.
و معظم تلك الأسامي التى أكتبها متتالية و بدون عرض لها هي لناس من أفضل الناس خلقا و دينا و لها باع طويل في التفسير و كانوا حجة زمانهم فيه.
و يعبر عنهم قول إبن حنبل " هل عرفتم معنى لم يعرفه الرسول و الصحابة "؟
و قوله " أن القرآن ما وقع في أذن العامي"
، كل أولئك كانوا يؤكدون الكلام كما يقع في أذن العامي و هو الفهم العادي للقرآن و كان جل خلافهم هل العين مطينة ام ساخنة .؟؟حمئة أم حامية .
المرحلة الثانية :
الصراع بين السلفيين المصرين على ظاهر القرآن و المتنورين ( المعتزلة قادوا الإتجاه ) ، و تبليل بعض المفسرين العظام.
و لجوء الجدد للتلفيق و التحايل (و هو ما يسمونه التأويل).
إبتداءا من القرن العاشر الميلادي بدأ المفسرون يتأثرون بنتائج عصر الترجمة التى نتج عنها التعرف على علوم اليونانيين الذين كانوا موقنين أن الأرض كروية ، و يبدو أنهم لم يترجموا عن اليونانيين المدرسة التى كانت تقول بمركزية الشمس و التى ماتت في القرن الأول الميلادي، و بقت نظرية بطليموس التى تقول بمركزية الأرض.
و لذا حدث صراع في الأفكار بدأ من القرن العاشر الميلادي بين السلفيين الذين كانوا لا يريدون معارضة ظاهر القرآن و التقدميين الذين لم يكونوا يستطيعون إنكار العلم و المنطق السليم .
و كالعادة إنقسم التقدميون بين مطورين للدين و بين ملحدين يكفرون بالقرآن .
و التقدميون كان على رأسهم المعتزلة و كان شيخهم أبو على الجبائي ( 910) هو أول من وجدته من رجال الدين الذين عارضوا فكرة العين الحمئة .و تبعه بعد ذلك البلخي (930) و بن المنادي ( 944) أبو مسلم ( 980) و بدأ هذا الفكر في الإنتشار خصوصا بعد عصر الترجمة و عصور التقدم العلمي في مجال الفلك .
ة يأتي القفال ( 975) ليقول:" قال بعض العلماء:" ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغرباً ومشرقاً حتى وصل إلى جرمها ومسّها؛ لأنها تدور مع السماء حول الأرض من غير أن تلتصق بالأرض، وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض"
وقول القفال ههنا : " بعض العلماء " يوضح تماما أنه وقتذاك كان الفكر الجديد في بداياته و هو ما يتناسب تماما مع ما فرضناه قبلا .
و يقول القتبي الذي يعاصره :" ويجوز أن تكون هذه العين من البحر، ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها، فيقام حرف الصفة مقام صاحبه؛ والله أعلم"
و نري هنا بوضوح " التردد و الإرتباك " في لهجة القتبي في كلمات مثل " يجوز " و " أو" و " الله أعلم " بين ظاهر و صريح القرآن الذي أجمع عليه السلف الصالح كلهم و بين أقوال المحدثين مثل " الجبائي " شيخ المعتزلة و " البلخي" و " مسلم" و" المنادي"
و لكن لأن من الصعب دائما معارضة صريح و ظاهر القرآن، ظل هنالك من يعارض الأفكار الجديدة أو يتجاهلها و يرفض وضعها في المنظومة الدينية و أبرز مثال على ذلك هو : الزمخشري ( 1140) الذي يتجاهل في تفسيره المستجدات العلمية
في حين أن الطبرسي المتنور ( 1150) يرفض تماما الأفكار القديمة و يسفه فكرة أن تغطس الشمس في الأرض .
و عندما يأتى الرازي (1210) فهو لا يستطيع أن يُنكر بالطبع أقوال السلف الصالح و يورد قولهم و لكنه ينقضه من واقع العلم الحديث حينذاك خصوصا وأنه في هذه الفترة كانت العلوم الفلكية متطورة للغاية في منطقة العراق و إيران الحالية و بعدها بحوالي نصف قرن قام هولاكو ببناء مرصد " مراغة " بإيران و أقام عليه " نصير الدين الطوسي" .
و يقول الرازي هنا جملة هي في غاية الأهمية بالنسبة للبحث:
كان الذي يقال: إنها تغيب في الطين والحمأة كلاماً على خلاف اليقين وكلام الله تعالى مبرأ عن هذه التهمة، فلم يبق إلا أن يصار إلى التأويل الذي ذكرناه
و هو يقول بصراحة : ان المفهوم من القراءة العادية أن الشمس تغطس في البركة المطينة فأمامة سبيلان :
الأول : أن الله جاهل و هو ما يستوجب الإلحاد .
الثاني : التلفيق و هو الذي يسميه هو " التأويل "
و تستمر رحلتنا لنصل للقرطبي ( 1275) لنجده على نفس الخط من رفض أن الشمس تغطس في البركة المطينة
و لكن مع إعتقاد تام بأن للشمس مكان للطلوع و مكان للغروب.
المعنى أنه انتهى إلى موضع قوم لم يكن بينهم وبين مطلع الشمس أحد من الناس. والشمس تطلع وراء ذلك بمسافة بعيدة، فهذا معنى قوله تعالى: { وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ }.
و في آخر تفسيره قال عن موضع الطلوع :
قلت: وهذه الأقوال تدل على أن لا مدينة هناك. والله أعلم. وربما يكون منهم من يدخل في النهر، ومنهم من يدخل في السّرب فلا تناقض بين قول الحسن وقتادة.
ولكن التحير نجده في البيضاوي المعاصر له ( 1284) فنجده يقول: ." ولعله بلغ ساحل المحيط فرآها كذلك إذ لم يكن في مطمح بصره غير الماء ولذلك قال { وَجَدَهَا تَغْرُبُ } ولم يقل كانت تغرب"
و كلمة " لعله " هنا تبين إرتباكه و عدم تيقنه ،
و أما عن قوله : يعني الموضع الذي تطلع الشمس عليه أولاً من معمورة الأرض، يدل على نفس الرؤية الخاطئة لمكان معين لطلوع الشمس.
يتبع في الموضوع التالي