سلامات
بدلا من صرف الأموال الطائلة على نقل المياه الصالحة للشرب بالصهاريج أوعلى محطات تحلية ماء البحر
لوعمل البعض بجدعلى تطوير إستخدام مياه البحر في الزراعة لكان حلا منطقيا مستقبليا لمشكلة التغذية والشرب
يمكن نقل مياه البحر عن طريق أنابيب لمناطق أعمق
ممكن إستخدام مياه الأنهار والأبار الجوفية للشرب ومياه البحر للزراعة
إقتباس
استخدام مياه البحر في الزراعة وإنتاج النباتات المحبة للملوحة
الأستاذ الدكتور/ ممدوح فتحي عبد الصبور
مركز البحوث النووية - هيئة الطاقة الذرية المصرية
إن من أكثر المعضلات إلحاحاً على الإنسان هي كيفية توفير احتياجات العالم من غذاء وكساء، وما يستتبع ذلك من توفير إمدادات كافية من الموارد الطبيعية خاصة الأرض والماء، وبالتالي توفير تغذية ملائمة للأعداد المتزايدة لسكان المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في غضون الثلاثين سنة القادمة .
تقدر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الحاجة إلى موارد أرضية تقدر بحوالى 200 مليون هكتار كأراضي زراعية جديدة لإنتاج المحاصيل المختلفة، ولا يتوفر من هذه المساحة سوى 93 مليون هكتار فقط، والتي يمكن استخدامها في التوسع الزراعي. وللأسف فإن الجزء الأكبر من هذه المساحة مشغول حالياً بالغابات التي يجب علينا الحفاظ عليها للمحافظة على التوازن البيئي والمناخ العالمي للكرة الأرضية كلها .
وإذا أضفنا لهذه المشكلة العويصة حقيقة حزينة أخرى وهى تدهور الأراضي الزراعية الخصبة سواء نتيجة للنحر أو التمليح أو التلوث في معظم أراضى بلاد المناطق الجافة وشبه الجافة مما يحفز الإنسان لضرورة إيجاد مصادر بديلة من المياه والأراضي لزراعة المحاصيل وزيادة الغطاء النباتي، أي يجب استمرارية التوسع الأفقي والرأسي واستخدام الموارد غير التقليدية للمياه والحفاظ على ما هو متاح منها فعلاً .
ومن ضمن الأفكار المطروحة في النصف الأخير من القرن العشرين هو الزراعة باستعمال مياه البحر، وكان أول ظهور جدي للفكرة بعد الحرب العالمية الثانية، ففى عام 1949 وقتها أشار بويكو 1967، بأن الزراعة باستخدام مياه البحر ممكنة جداً في الأراضي الرملية والبيئات الصحراوية، وتعرف الزراعة بمياه البحر أنها تنمية المحاصيل المتحملة للملوحة في أراضى تروى بمياه البحر. وهذه الفكرة تعتبر حل مثالي حيث أن 97% من مياه الكرة الأرضية مياه مالحة (بحار ومحيطات)، وكذلك فإن الأراضي الصحراوية واسعة الانتشار، وتشكل 43% من مساحة اليابسة.
وقد قدر جلين وآخرون 1978 أن 15% من الأراضي المستغلة في صحارى العالم الساحلية والداخلية المالحة يمكن ريها من الأراضي للبحار، وهذه تشكل مساحة 130 مليون هكتار من الأراضي الجديدة، والتي يمكن استخدامها في إنتاج الغذاء دون المساس بأراضي الغابات أو استنزاف الموارد المائية العذبة الشحيحة. ولكي تكون الزراعة بمياه البحر مجدية من حيث التكلفة الاقتصادية يتعين أن نراعى شرطين :
1- إنتاج محاصيل مفيدة ذات مردود اقتصادي يزيد عن تكاليف إنشاء المشروع والبنية الأساسية .
2- عدم الإضرار بالبيئة وأن تكون التنمية الزراعية متواصلة ومستدامة للموارد المائية.
وقد حاول الباحثون استنباط أصناف لبعض المحاصيل التقليدية مثل القمح - الشعير مقاومة للملوحة باستخدام أساليب الاستنباط الانتقائي محلياً وباستخدام الهندسة الوراثية التي عن طريقها تضاف جينات تحمل صفة تحمل الملوحة، ولكن يمكن القول أنه حتى الآن لم تسفر هذه الجهود عن إنتاج سلالات مرشحة للري بمياه البحر حيث لا يزال الحد الأعلى لملوحة مياه الري في المدى الطويل حتى لأكثر المحاصيل تحملاً للملوحة مثل نخيل البلح أقل من 5 ملليموز. وجدير بالذكر أن ملوحة ماء البحر تتراوح بين 35-40 ملليموز. وكما نعلم فإن مياه البحر غنية بكلوريد الصوديوم، وهو من أكثر المواد ضرراً على النباتات النامية .
وحديثاً أظهرت بعض البحوث إمكانية استخدام نباتات برية متحملة للملوحة أو ما يسمى بالـ Halophytes (نباتات تنمو في الأراضي الملحية طبيعياً) بقصد استعمالها كمحاصيل علف أو إنتاج زيوت أو مواد طبية وعطرية أو حتى غذاء للإنسان مباشرة. ونجد على سبيل المثال فإن بذور نبات Distichlis paleri (أو عشب النخيل Planer's grass) كان يقتاتها ويتغذى عليها الشعوب البدائية مثل شعب الكوكوبا الذي عاش حول مصب نهر كولوردو بالولايات المتحدة الأمريكية .
وقد قام فريق بحثي على مدى عشرات السنين بجمع بضع مئات من أنواع النباتات الملحية عبر العالم ثم تصفيتها حسب درجة تحملها للملوحة، وكذلك محتواها الغذائي، وظهر أن هناك ما بين 2000 - 3000 نوع من النباتات الملحية على شكل أعشاب أو شجيرات أو أشجار مثل نباتات القرم Mangrove، والذي ينمو على شواطئ البحار .
أشار "جلين" وآخرون 1998 إلى أنه توجد أكثر من اثني عشر نباتاً ملحياً أظهرت إمكانيات واعدة للإنتاج الاقتصادي الزراعي في تجارب حقلية، وأوضحوا أن أكثر النباتات الملحية تحملاً للملوحة وأكثرها إنتاجاً للمادة الجافة الحيوية للمتر المربع كانت من الأنواع الشجيرية المسماه الساليكورنيا Salicornia (أو ما يسمى الأشنانGlasswort ) ونبات الأتربكس Atriplex (الشجيرة الملحية Salt bush) من العائلة السرخصية Chenopdiaceae التي تشتمل على نحو 20% من أنواع النباتات الملحية كافة .
ضرورة استخدام مياه البحر فى الرى
يوجد حوالي 295 مليون هكتار من أراضى الصحراء الساحلية في العالم، ويقدر مساحة 17% منها (حوالي 50 مليون هكتار) أراضى منبسطة تصلح للزراعة المروية (من حيث نوع التربة درجة الانحدار أراضى هامشية ليس عليها تنافس لاستخدامات أخرى) باستخدام مياه البحر كمصدر للري هذه المساحة من الأرض سوف تزيد المساحات المروية في الأقاليم الصحراوية بحوالى 80% الأقاليم ذات الأفضلية لمثل هذا الاستخدام دلتا الأنهار المختلفة حيث تشكل الرواسب الساحلية أراضى صحراوية رسوبية مثل نهر النيل والفرات وكلورادو حيث نجد أن الدلتا الساحلية الرسوبية غالباً ما تعانى من مشاكل التملح الثانوي نتيجة العديد من العوامل وتعانى من التصحر.
ويمكن إدخال مثل هذه المساحات في الإنتاج الزراعي ذي القيمة الاقتصادية عن طريق زراعة النباتات المحبة للملوحة (الهالوفيت) وريها باستخدام مياه البحر. كذلك الصحراء الساحلية الرملية على امتداد ساحل البحر الأحمر والخليج العربي، وكذلك المحيط الهندي وخليج كاليفورنيا تصلح لمثل هذا النوع من الاستخدام مما يضيف مساحات إضافية تصلح للري بمياه البحر، ومن هذه الأراضي التي تصلح لمثل هذا الاستخدام أيضاً أراضى السبخة الموجودة في العديد من السهول الساحلية للبحار والبحيرات، كما في شمال الدلتا سيناء - شبة الجزيرة العربية، وكذلك في السهول الجنوبية الساحلية في استراليا وبعض مناطق قريبة من التجمعات السكانية أو مدن كبيرة مثل القاهرة - بغداد - بومباي - كراتشى .. الخ. مما يشكل فرصة عظيمة للاستثمار لإنتاج أعلاف حيوانية من الهلوفيت مما يخفف الضغط على استخدام المياه العذبة والأراضي الزراعية المتاحة كما يقلل من الرعي الجائر على المراعى المتاحة القليلة نسبياً .
وكان هناك أمل أن توفر تقنية تحلية مياه البحر باستخدام الطاقة النووية حيث يمكن أن توفر مصدراً رخيصاً للطاقة اللازمة لتحلية مياه البحر حيث يمكن استخدامها في النشاط الزراعي واستصلاح الأراضي. ولكن إلى حد ما مازالت هذه التقنيات مكلفة، وتحتاج إلى استثمارات عالية ولهذا فإن استخدام مياه البحر في الزراعة مباشرة تشكل أمل متفائل وعظيم للتنمية الزراعية بطول الصحارى الساحلية بزراعة محاصيل محبة للملوحة (الهلوفيت) وذات العائد الاقتصادي.
وسنحاول في هذا المقال أن نستعرض إمكانيات هذه التقنية الحديثة وكيفية تقييم الجدوى الاقتصادية للطرق المختلفة لاستخدام مياه البحر في إنتاج العلف الحيواني. وقد حاول بعض البحاث زراعة المحاصيل التقليدية على ماء البحر مثل الشعير والذي يمكن على أقل تقدير إكمال دورة حياته على ماء البحر في المناخ المعتدل.
وقد تم افتراض أنه يمكن عمل برامج تربية لمثل هذه المحاصيل لتحسين قدرتها على تحمل الملوحة وإيجاد طفرات مقاومة أو محبة للملوحة. ولكنه حتى الآن لم يتم التوصل إلى أي نوع من المحاصيل التقليدية والذي يمكن أن ينتج كمية محصول اقتصادي مقبول تحت ظروف الري بماء البحر في مناخ الصحراء الساحلية.
وحديثاً تم اقتراح مدخل جديد وهو محاولة توطين أو تأهيل وزراعة النباتات المحبة للملوحة والتي تنمو طبيعياً في مثل هذه الظروف للإنتاج الزراعي وبالتالي يمكن الاستفادة بقدرتها الطبيعية على مقاومة الملوحة. وقد بدأت بعض البلاد كما في شمال أفريقيا استخدام هذا الأسلوب لإنتاج بذور ومحاصيل الهلوفيت باستخدام مياه البحر، ومنذ حوالي 15 سنة بدأت جامعة أريزونا تجارب حقلية لزراعة الهلوفيت في العديد من مناطق العالم الصحراوية مثل المكسيك - خليج كاليفورنيا - الإمارات العربية وخليج عمان - الغردقة في مصر وفى أربع أماكن على الخليج العربي (أبوظبى - جبيل - كويت - رأس الزور) .
ومع زيادة الخبرة والمعلومات تم زيادة القطع التجريبية 0.5-1 هكتار إلى 20-40 هكتار مزارع تجريبية واستخدام طرق ري مختلفة ابتداء من الري السطحي المعتاد إلى الري المحوري والذي يروى حوالي 250 هكتار.
وقد تم اختيار نبات هالوفيت لإنتاج بذور يستخرج منها الزيت والمعروف بأسم سالكورنيا Salicornia bigelovii torr ثم تم اختبار أصناف أخرى مثل أصناف Atriplex، شجيرات معمرة - وأعشاب ملحية وأنواع أخرى من النباتات العصيرية (لحمية النسيج) أوضحت تجارب الصوب أن ملوحة مياه البحر أكبر من حد الملوحة كافية لنمو أكثر نباتات الهلوفيت مقاومة للملوحة وأنه قد انخفض معدل نمو هذه النباتات بمعدل 50% نتيجة الري بمياه البحر.
ولكن في التجارب الحقلية أوضحت النتائج أن المحصول الحيوي السنوي ومحصول البذور قد يساوى أو يزيد عن محصول أي محاصيل تقليدية تروى بماء عذب. وأنه يمكن إنتاج محصول كتلته الحيوية Biomass في حدود من 17-34 طن/هكتار، والذي يحتوى على 11-23 طن/هكتار مادة عضوية من نباتات الهالوفيت، وباستخدام مياه البحر في تجارب حقلية على مياه البحر لمدة 6 سنوات تم زراعة نبات السالكورنيا، وتم الحصول على محصول زيتي سنوي يقدر بـ 2 طن/هكتار من محصول البذور الزيتية (مكافئ لفول الصويا أو المحاصيل الزيتية الأخرى).
وسبب قدرة الهالوفيت على إعطاء محصول وفير بالرغم من التأثير المثبط للملوحة لمياه البحر يرجع إلى العديد من العوامل التعويضية التي يستفيد منها النبات مثل الشتاء معتدل الحرارة والانعزال التام للنباتات في مثل هذه البقع الساحلية حيث لا تنافسها حشائش أو آفات أخرى وأن أصناف الهالوفيت تتمتع بموهبة بيولوجية وقدرة عالية على التمثيل الضوئي Photosynthesis والنمو .
اختيار موقع تجهيز التربة
تجهيز وتسوية الأرض من العوامل المهمة في الزراعة المروية خاصة عند استخدام مياه البحر في الري فكما هو معروف في الزراعة المروية تميل الأملاح للتراكم وإعادة التوزيع في قطاع التربة حيث يحدث تدرج في الملوحة خلال الحقل. فمثلاً المناطق المرتفعة يزداد تراكم الملح فيها. ولهذا يجب تقسيم الأرض إلى قطع قد تكون مختلفة في المنسوب ولكن يجب الاهتمام بتسوية سطح التربة في القطعة الواحدة .
وتم استخدام العديد من أنواع التربة بنجاح في أرض سلتيه طينية إلى الكثبان الرملية والمهم أن تكون التربة جيدة الصرف الطبيعي. ولهذا فإنه يجب حرث الأرض ولعمق 1 متر لتحسين الصرف خاصة في الأراضي الثقيلة. وحين يحدث للتربة الرملية انضغاط تحت الطبقة السطحية وبالتالي لابد أن يتم إعدادها من حيث الحرث العميق ثم الحرث السطحي والتسوية والزراعة ثم الري .
وبالرغم من أن العديد من أصناف الهالوفيت تتحمل ارتفاع الماء الأرضي، إلا أن الاهتمام بالصرف يعد عاملاً هاماً لمقاومة التملح. وفى حالة الأراضي الثقيلة يجب عمل مصارف سطحية على شكل حرف V، وبعمق نصف متر، وعلى أبعاد من 10-20 متر، على أن يتم صرف ماؤها إلى مصارف عميقة ويمكن سحب ماء الصرف بالمضخات إلى البحر مرة أخرى.
وغالباً فإن سطح البحر الصحراوي به خزان ضحل من المياه الملحية الجوفية والتي تمتد إلى عدة كيلو مترات من حد البحر وليس هناك أي تأثير سلبي على هذا الخزان الجوفي نتيجة استخدام مياه البحر في الري، كما أوضحت التجارب لمدة 10 سنوات. ولكن من الواضح أن الري بمياه البحر سوف يتسبب في إحداث أضرار بأي خزان جوفي للمياه العذبة ولهذا لابد من عمل دراسات هيدرولوجية للخزانات الجوفية للمنطقة المراد استخدام تقنية الري بمياه البحر (عمق - نوعية - كمية)، ويجب دراسة الخواص الهيدروفيزيقية للتربة. وإذا كان الموقع بجوار سلسلة جبال موازية للساحل كما في حالة البحر الأحمر فيجب المحافظة على المياه العذبة التي تتجمع تحت وادى الجبل أو على حافل الساحل الرملي.
احتياجات الرى بمياه البحر
من أهم القيود على استخدام مياه البحر لإنتاج الهالوفيت هو كيفية إدارة المياه Water management، فمن الضروري منع زيادة تراكم الأملاح في منطقة الجذور (الريزوسفير)، وهذا الشرط بخلاف الري بالمياه العذبة حيث يكون الري بناءً على مستوى الرطوبة الأرضية، وليس على أساس ملوحة التربة في الريزوسفير. فعادة في ظروف الري التقليدية يتم الري عندما تقل رطوبة التربة إلى 50%، ولكن في حالة الري بمياه البحر وعند نقص الرطوبة الأرضية إلى 50% يكون مستوى الملوحة في منطقة الجذر ضعف ملوحة ماء البحر مما يكون له تأثير قاسى على النبات، وينخفض المحصول بدرجة كبيرة لمعظم نباتات الهالوفيت، ولهذا فقد أتضح أنه يجب ألا يزيد نقص الرطوبة عن 25% لتقليل فرصة زيادة تركيز الأملاح بين الريات في قطاع التربة، كذلك فمن الضروري إضافة احتياجات غسيلية حوالي 25% أو أكثر في كل رية، وذلك لغسل الأملاح وطردها أسفل منطقة الجذور .
ولهذا فإن قصر فترات الري والغسيل الوافر للأملاح هو المفتاح الرئيسي لتحقيق النجاح والحصول على محصول عالي من الهالوفيت باستخدام مياه البحر. كما يجب جدولة الري من 1-10 يوم حسب نوع التربة وظروف الموسم والمناخ، فمثلاً في حالتي الكثبان الرملية أو الساحل الرملي يجب أن يتم الري بصفة منتظمة يومياً في موسم الصيف، بينما في الأراضي السلتية والرملية اللومية التي يمكن أن تحتفظ بماء كافي يمكن الري كل 10 أيام في موسم الشتاء.
التخطيط إنشاء مزرعة تروى بماء البحر
أهم عامل مطلوب لإقامة مزرعة تروى بماء البحر هو أن يكون هناك مصدر متاح وقريب وبتكلفة منخفضة لماء البحر، وتعتبر تكلفة الإمداد بماء البحر هو الاستثمار الأكبر في مثل هذا النوع من المشاريع وهو يتجاوز باقي العوامل مثل طريقة الري، كمية المياه المطلوبة، الممارسات الزراعية المطلوبة.
وعادة في حالة الإمداد المباشر من ماء البحر، يكون على هيئة رصيف بحري يمتد في البحر حيث تمتد مواسير لجلب المياه بواسطة مضخات، ويجب إنشاء قنوات ري في حقول المشروع، وكل هذه الإنشاءات تؤثر على الساحل من حيث المظهر- والاستخدامات الأخرى للساحل. كما تشكل حركة الماء والكائنات البحرية المختلفة وخواص وتأثير مياه البحر على صدأ المعادن المستخدمة في هذه المنشآت البيئية البحرية، حركة الأمواج والرياح والأعاصير_ مشاكل صعبة عديدة يجب دراستها وأخذها في الحسبان عند وضع التصميمات. ومما يجدر ذكره أن الحلول عادة ما تكون مكلفة.
أما المدخل البديل عن ذلك فهو الإمداد غير المباشر عن طريق آبار لتجميع مياه البحر مما يجنبنا العديد من المشاكل السابق ذكرها. ولهذا ففي حالة توافر خزان جوفي فإن آبار مياه البحر تمثل الحل الأمثل، ولكن قد تكون القدرة إلامدادية لهذا البئر محدودة (ظهر العديد من محدودية هذه الآبار رغم وجودها على شاطئ البحر في العديد من الدراسات)، ويستلزم عمل بعض الدراسات الجيولوجية الهيدرولوجية لتحديد أفضل الأماكن لهذه الآبار. وبعد أن يتم إيجاد مصدر للإمداد بمياه البحر فإن المهمة التالية تكون هي توصيل المياه إلى منطقة الجذور، والتي يمكن أن تأخذ العديد من الأشكال طبقاً لطريقة الري المتبعة. ففي حالة المساحات الصغيرة يمكن استخدام أسلوب الري بالغمر البسيط حيث يمكن عمل نظام يتميز بالانسياب السريع للماء في قنوات مفتوحة أو أنابيب PVC خفيفة أو أنابيب بلاستيك قابلة للطى. أما في حالة المساحات الأكبر فيمكن استخدام ماكينات الري بالرش المحوري أو الجانبي حيث يتم توزيع المياه بتجانس على الأرض حتى ولو لم تكن الأرض مستوية بدقة .
طريقة الأحواض الصغيرة المغمورة
في هذه الطريقة يتم عمل أحواض في حدود 200م2، ويتم غمرها لعمق 2-5 سم (يتوقف على مدى تسوية سطح الأرض) مع استخدام أسلوب الغمر السريع بمعدل السريان 100 لتر/دقيقة في حالة الأحواض الرملية لتفادى الفقد بالمرشح لعمق التربة. ويتم توزيع المياه على الأحواض باستخدام شبكة أنابيب PVC مدفونة، ويتم التحكم في معدل السريان داخل الحوض بواسطة Standpipe أو أنابيب قائمة يمكن إزالتها .
وكما هو معروف فإن الري بالغمر خاصة في الأراضي الرملية يحتاج إلى كميات كبيرة من مياه الري نتيجة للفقد بالرشح، ولهذا فإن الحوض الواحد الذي يغمر يومياً إلى عمق 5 سم يحتاج إلى 20 م/سنة، وهو معدل خمسة أضعاف استخدام الماء للمحاصيل التقليدية حتى النامية على أرض رملية. ويمكن خفض كميات المياه حسب الظروف المناخية ففي الموسم البارد من السنة يمكن الري كل 3 أيام أو أكثر حيث يكون البخر أقل ودورة نمو النبات بطيئة.
ويمكن بالإدارة الجيدة، الري في أحواض مغمورة عندما ينخفض الماء المستخدم إلى 10م/سنة، ولكن 80% من هذه الكمية سوف تفقد بالرشح للأعماق. وتشكل تكلفة ضخ المياه بهذه الكميات العائق الأكبر في هذه الطريقة وتكلفة إنشاء أنابيب وتعارضها مع طرق الميكنة سواء في الزراعة أو الخدمة أو الحصاد وبالتالي نحتاج إلى عمالة مكثفة .
طريقة أحواض السبخة المغمورة
تم تجربة العديد من تصميمات الأحواض المغمورة بنجاح على أرض السبخة الملحية في أبوظبى (شكل 2)، وتم تعديل التصميم بحيث يستفيد من حركة المد والجذر بدلاً من استخدام المضخات في غمر الأحواض بالحقل، وتم تجربته بمنطقة الجبيل بالسعودية. وأراضى السبخة عادة أراضى سلتيه، وذات معدل رشح منخفض (نفاذية أقل) لدرجة أنه يمكن غمر مساحة 1 هكتار أو أكثر من مأخذ ري واحد حيث أن حقل السبخة لا يكون مقسم إلى أحواض منفصلة، ولكن المساحة كلها أرض سبخة يمكن غمره إلى عمق 2-5 سم مرة واحدة.
وفى هذه الطريقة يتم إحاطة الحقل بحاجز ضيق من التربة ويوزع داخل الحاجز وعلى عمق 1م أنبوبة ري يمر منها مياه البحر أثناء المد لتغمر قنوات الري بعمق نصف متر لتوزع مياه هذه القنوات على أبعاد 10 متر حيث تحمل المياه إلى مهد النباتات. كما يتم عمل بوابة للتحكم في مستوى الماء في الحقل، ولغمر الحقل تقفل البوابة ويسمح لمياه البحر (سواء نتيجة لحركة المد أو باستخدام مضخة) بالمرور في أنبوب الري الرئيسية ومنها إلى قنوات الري وخطوط النباتات، ولصرف المياه من الحقل تفتح البوابة ونظراً لعدم انتظام المد والجذر فإن الأمر يحتاج إلى مضخة غالباً.
وتم تجربة هذه الطريقة بنجاح في زراعة المانجروف Mangrove، السالكورنيا في أبوظبى حيث نمت على أرض سبخة وباستخدام مياه البحر 50 جم ملح/لتر في الري. وتم تخفيض ملوحة التربة قبل الزراعة من 80-120 جم/لتر في طبقة 10سم بالغسيل بمياه البحر خلال أسبوع واحد باستخدام 3 دورات غمر وصرف متتالية حيث انخفضت الملوحة إلى 50 جم/لتر. وكان يتم الري كل 2-3 يوم صيفاً وكل 4-5 يوم شتاء.
ويجدر الذكر أن معظم الماء المستخدم يفقد في الصرف السطحي ولذلك فإن كفاءة استخدام الماء منخفضة ولهذا التصميم يصلح فقط في حالة الأرض السبخة التي يمكن الاعتماد على مياه المد والجذر في الري ودون الحاجة إلى استخدام مضخات .
أحواض الغمر الكبيرة
هي أكثر الطرق المستخدمة في الري السطحي، وتم إقامة هذه التجربة على أرض رملية لومية في خليج Kimo بالمكسيك حيث تم زراعة السالكورنيا كمحصول بذور زيتي على مساحة 20 هكتار كمزرعة تجارية منذ عام 1986. وقد تم تقسيم المزرعة إلى قطعة 1 هكتار (شكل 3).
وتم استخدام بئر ماء البحر في الري من 5-10 يوم بعد الإنبات وكمية الماء المستخدمة كانت 3-4 متر/200 يوم للمحصول. وهذا المعدل يقع في حدود معدلات المحاصيل التقليدية، ولكن تعتبر كفاءة الري نسبياً قليلة لأن حوالي نصف الماء المضاف يفقد بالصرف تحت منطقة الجذر.
الرى بالرش المحورى
الري بالأذرع المتحركة تم تعديله لاستخدام ماء البحر، وتم اختباره في مزرعة بالجبيل بالسعودية، وتم تجربته على مدى أوسع - حوالي 300 هكتار في مزرعة مخصصة للري بمياء البحر في رأس الزور بالسعودية - (شكل 4).
وقد تم زراعة السالكورنيا حيث يمكن استخدام الري بالرش بماء البحر في أول 100 يوم (حتى مرحلة تكوين الأزهار) ثم يستخدم أنابيب تنقيط توضع على رأس كل نقاط لتوصيل المياه إلى مستوى الأرض بجوار النباتات النامية وكمية الماء المستخدم في الري والغسيل كانت حوالي 2-3م طول فترة نمو المحصول 250 يوم (حوالي 1.25-1.5 مدة قدر معدل البخر). والآلات والأنابيب المستخدمة في هذا النظام يجب أن تكون مقاومة لتأثير ماء البحر وفى حالة إذا ما احتاج محصول الهالوفيت للري يومياً يجب ألا يزيد حجم المزرعة عن 50 هكتار.
الرى بالتنقيط
يتم استخدام طريقة الري بالتنقيط باستخدام مياه البحر لري شجيرات القطف Atriplex shrubs، وتم الحصول على محصول حيوي عالي، ولم تظهر مشاكل تجمع الأملاح وانسداد النقاطات حيث يتم الري باستمرار يومياً، وكذلك يقل تراكم الملح أكثر عند دفن النقاطات في التربة بدلاً من وضعها على سطح التربة.
ومن الخبرات المتراكمة تبين أن الري بمياه البحر يتوقف نجاحه على كفاءة نظام الري المستخدم ،وكنتيجة لانخفاض كفاءة الري يستخدم كميات كبيرة من مياه البحر على ألا يسمح باستنزاف المياه حتى تصل إلى نقطة الذبول بين الريات لأنه في هذه الحالة سوف يكون تركيز الملح عالي جداً في منطقة الجذور مما يؤثر على المحصول بل يجب أن تحفظ رطوبة التربة قريبة من السعة الحقلية عند أي وقت وهذا يعنى أن كفاءة كل رية يجب أن تكون مرتفعة على قدر الإمكان .
استخدام النباتات المحبة للملوحة كعلف للحيوان
نباتات الهالوفيت معروفة بأنها مصدر تقليدي لتغذية الحيوان بالرغم من بعض المشاكل التي تصاحبها مثل احتوائها على تركيزات عالية من الأملاح، محتواها القليل من الطاقة وانخفاض مدى الاستساغة بواسطة الحيوان مقارنة بالأعلاف التقليدية. وحتى يكون زراعة الهالوفيت مجدياً اقتصادياً يجب أن يكون أدائها كأعلاف أكبر أو على الأقل مساوياً للأعلاف التقليدية، وقد أثبتت العديد من الدراسات أنه في ظل عدم توفر الأعلاف الكافية للحيوان خاصة في ظروف المناطق الصحراوية فإن أصناف معينة تم زراعتها بنجاح ويمكن استخدامها كبديل للأعلاف .
ويجب أن نراعى أنه في حالة استخدام الهالوفيت كأعلاف فقد تحتاج الحيوانات زيادة استهلاك مياه الشرب، وقد ترتفع نسبة استهلاك العلف لكل وحدة زيادة في وزن الحيوان، وذلك نتيجة لزيادة المحتوى المعدني في الهالوفيت، وعندما نستخدم الهالوفيت بكفاءة مع خليط مكونات العليقة فإن الزيادة في الوزن وخصائص الذبيحة المغذاة على مكونات عليقة تتضمن الهالوفيت يكون مساوياً لتلك المغذاة على الأعلاف التقليدية. ومن أكثر نباتات الهالوفيت التي درست واستخدمت كعليقة هو صنف السالكورينا والقطف كما يتضح من الجدول المرفق. وأظهرت النتائج بجامعة اريزونا على الأغنام أنه يمكن استخدام السالكورنيا (بذور - وسوق)، وكذلك القطف كبديل للعلائق المصنعة من حشائش البرمودا أو علف بذرة القطن. ويتم زراعة السالكورنيا (نبات عصارى) لإنتاج بذور الزيت والقش، ويمكن استخلاص الزيت بعصر البذور، ويتبقى مواد عضوية خالية من الأملاح، ويمكن استخدامها في علائق الحيوان، كما يمكن استخدام الزيت كمصدر عال للطاقة في تغذية الحيوان خاصة الدواجن. ومن الجدير بالذكر أن المواد المتبقية بعد استخراج الزيت تحتوى على 33-43% بروتين خام (حيث تتوقف هذه النسبة على مقدار الزيت بعد العصر).
وقد تحتوى الحبة على كمية من مادة الصابونين التي تتعارض مع تغذية الدواجن ولكنها مصدر مقبول للبروتين، وتصلح تغذية للحيوانات المجترة. ويحتوى قش السالكورنيا على 30-40% رماد معدنى وكمية قليلة من البروتين 4-6%. ومكونات الألياف يمكن هضمها بسهولة ولوحظ أن معدل نمو الحيوانات المغذاة عليها يكون مساوياً لنفس المجموعة التي تم تغذيتها على عليقة حشائش الروادس والبرمودا الساحلية، قش القمح أو خليط بين قش القمح من البرسيم طالما أن عليقة الحيوان متزنة فى محتواها من البروتين والطاقة.
ويمكن إزالة الملح من القش بنقعه فى ماء البحر لمدة ساعة لإذابة الأملاح من عصارة الخلايا ثم يتم صرف الماء وضغط القش لإنقاص الرطوبة إلى 50% أو أقل، ويكون الناتج عادة محتوياً على 10% كلوريد الصوديوم.
ويوضح الجدول أسفله أداء الأغنام المغذاة على مكونات أعلاف الهالوفيت (جامعة أريزونا) . ومعاملة المقارنة المكونة من 30% حشائش البرمودا الساحلية، 10% كسب بذرة القطن فى عليقة القطف أو السالكورنيا حيث تم استخدامهم بدلاً من قش البرمودا، كما تم استبدال بذرة القطن ببذور السالكورنيا، وكانت جميع العلائق تحتوى على 10% مولاس + 50% بذور السورجم (عدد حيوانات التجربة 6 غنم/معاملة) .بالمقارنة بقش السالكورنيا، يحتوى قش القطف على 20-30% أقل من محتوى الرماد وعلى 10-25% أكثر من البروتين، وتختلف القيمة الغذائية طبقاً لصنف الهالوفيت ووقت الحصاد والجزء من النبات الذى تم حصاده، وقد خلصت إلى بعض التوصيات اللازمة للحصول على الاستفادة القصوى من أعلاف الهالوفيت، والتى تنمى على مياه البحر بأنه يجب تجفيفها تم قطعها إلى أحجام صغيرة، وخلطها فى مكونات عليقة مع الأخذ فى الاعتبار أن محتوى العليقة على مصدر كافى من الطاقة والبروتين وألا يزيد محتوى الملح عن 10% فى العليقة الكلية.
ونخلص من هذه النتائج إلى أنه يمكن استخدام تقنية رى واستزراع أصناف الهالوفيت باستخدام مياه البحر لتنمية المناطق الصحراوية الساحلية وإنتاج أعلاف حيوانية وتغذية الحيوان عليها والحصول على منفعة اقتصادية واجتماعية فى هذه المناطق .
المصدر: منتدى مزارع العرب
وهذا مصدر أخر
http://gafrd.kenanaonline.com/posts/86715
بدلا من صرف الأموال الطائلة على نقل المياه الصالحة للشرب بالصهاريج أوعلى محطات تحلية ماء البحر
لوعمل البعض بجدعلى تطوير إستخدام مياه البحر في الزراعة لكان حلا منطقيا مستقبليا لمشكلة التغذية والشرب
يمكن نقل مياه البحر عن طريق أنابيب لمناطق أعمق
ممكن إستخدام مياه الأنهار والأبار الجوفية للشرب ومياه البحر للزراعة
إقتباس
استخدام مياه البحر في الزراعة وإنتاج النباتات المحبة للملوحة
الأستاذ الدكتور/ ممدوح فتحي عبد الصبور
مركز البحوث النووية - هيئة الطاقة الذرية المصرية
إن من أكثر المعضلات إلحاحاً على الإنسان هي كيفية توفير احتياجات العالم من غذاء وكساء، وما يستتبع ذلك من توفير إمدادات كافية من الموارد الطبيعية خاصة الأرض والماء، وبالتالي توفير تغذية ملائمة للأعداد المتزايدة لسكان المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في غضون الثلاثين سنة القادمة .
تقدر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الحاجة إلى موارد أرضية تقدر بحوالى 200 مليون هكتار كأراضي زراعية جديدة لإنتاج المحاصيل المختلفة، ولا يتوفر من هذه المساحة سوى 93 مليون هكتار فقط، والتي يمكن استخدامها في التوسع الزراعي. وللأسف فإن الجزء الأكبر من هذه المساحة مشغول حالياً بالغابات التي يجب علينا الحفاظ عليها للمحافظة على التوازن البيئي والمناخ العالمي للكرة الأرضية كلها .
وإذا أضفنا لهذه المشكلة العويصة حقيقة حزينة أخرى وهى تدهور الأراضي الزراعية الخصبة سواء نتيجة للنحر أو التمليح أو التلوث في معظم أراضى بلاد المناطق الجافة وشبه الجافة مما يحفز الإنسان لضرورة إيجاد مصادر بديلة من المياه والأراضي لزراعة المحاصيل وزيادة الغطاء النباتي، أي يجب استمرارية التوسع الأفقي والرأسي واستخدام الموارد غير التقليدية للمياه والحفاظ على ما هو متاح منها فعلاً .
ومن ضمن الأفكار المطروحة في النصف الأخير من القرن العشرين هو الزراعة باستعمال مياه البحر، وكان أول ظهور جدي للفكرة بعد الحرب العالمية الثانية، ففى عام 1949 وقتها أشار بويكو 1967، بأن الزراعة باستخدام مياه البحر ممكنة جداً في الأراضي الرملية والبيئات الصحراوية، وتعرف الزراعة بمياه البحر أنها تنمية المحاصيل المتحملة للملوحة في أراضى تروى بمياه البحر. وهذه الفكرة تعتبر حل مثالي حيث أن 97% من مياه الكرة الأرضية مياه مالحة (بحار ومحيطات)، وكذلك فإن الأراضي الصحراوية واسعة الانتشار، وتشكل 43% من مساحة اليابسة.
وقد قدر جلين وآخرون 1978 أن 15% من الأراضي المستغلة في صحارى العالم الساحلية والداخلية المالحة يمكن ريها من الأراضي للبحار، وهذه تشكل مساحة 130 مليون هكتار من الأراضي الجديدة، والتي يمكن استخدامها في إنتاج الغذاء دون المساس بأراضي الغابات أو استنزاف الموارد المائية العذبة الشحيحة. ولكي تكون الزراعة بمياه البحر مجدية من حيث التكلفة الاقتصادية يتعين أن نراعى شرطين :
1- إنتاج محاصيل مفيدة ذات مردود اقتصادي يزيد عن تكاليف إنشاء المشروع والبنية الأساسية .
2- عدم الإضرار بالبيئة وأن تكون التنمية الزراعية متواصلة ومستدامة للموارد المائية.
وقد حاول الباحثون استنباط أصناف لبعض المحاصيل التقليدية مثل القمح - الشعير مقاومة للملوحة باستخدام أساليب الاستنباط الانتقائي محلياً وباستخدام الهندسة الوراثية التي عن طريقها تضاف جينات تحمل صفة تحمل الملوحة، ولكن يمكن القول أنه حتى الآن لم تسفر هذه الجهود عن إنتاج سلالات مرشحة للري بمياه البحر حيث لا يزال الحد الأعلى لملوحة مياه الري في المدى الطويل حتى لأكثر المحاصيل تحملاً للملوحة مثل نخيل البلح أقل من 5 ملليموز. وجدير بالذكر أن ملوحة ماء البحر تتراوح بين 35-40 ملليموز. وكما نعلم فإن مياه البحر غنية بكلوريد الصوديوم، وهو من أكثر المواد ضرراً على النباتات النامية .
وحديثاً أظهرت بعض البحوث إمكانية استخدام نباتات برية متحملة للملوحة أو ما يسمى بالـ Halophytes (نباتات تنمو في الأراضي الملحية طبيعياً) بقصد استعمالها كمحاصيل علف أو إنتاج زيوت أو مواد طبية وعطرية أو حتى غذاء للإنسان مباشرة. ونجد على سبيل المثال فإن بذور نبات Distichlis paleri (أو عشب النخيل Planer's grass) كان يقتاتها ويتغذى عليها الشعوب البدائية مثل شعب الكوكوبا الذي عاش حول مصب نهر كولوردو بالولايات المتحدة الأمريكية .
وقد قام فريق بحثي على مدى عشرات السنين بجمع بضع مئات من أنواع النباتات الملحية عبر العالم ثم تصفيتها حسب درجة تحملها للملوحة، وكذلك محتواها الغذائي، وظهر أن هناك ما بين 2000 - 3000 نوع من النباتات الملحية على شكل أعشاب أو شجيرات أو أشجار مثل نباتات القرم Mangrove، والذي ينمو على شواطئ البحار .
أشار "جلين" وآخرون 1998 إلى أنه توجد أكثر من اثني عشر نباتاً ملحياً أظهرت إمكانيات واعدة للإنتاج الاقتصادي الزراعي في تجارب حقلية، وأوضحوا أن أكثر النباتات الملحية تحملاً للملوحة وأكثرها إنتاجاً للمادة الجافة الحيوية للمتر المربع كانت من الأنواع الشجيرية المسماه الساليكورنيا Salicornia (أو ما يسمى الأشنانGlasswort ) ونبات الأتربكس Atriplex (الشجيرة الملحية Salt bush) من العائلة السرخصية Chenopdiaceae التي تشتمل على نحو 20% من أنواع النباتات الملحية كافة .
ضرورة استخدام مياه البحر فى الرى
يوجد حوالي 295 مليون هكتار من أراضى الصحراء الساحلية في العالم، ويقدر مساحة 17% منها (حوالي 50 مليون هكتار) أراضى منبسطة تصلح للزراعة المروية (من حيث نوع التربة درجة الانحدار أراضى هامشية ليس عليها تنافس لاستخدامات أخرى) باستخدام مياه البحر كمصدر للري هذه المساحة من الأرض سوف تزيد المساحات المروية في الأقاليم الصحراوية بحوالى 80% الأقاليم ذات الأفضلية لمثل هذا الاستخدام دلتا الأنهار المختلفة حيث تشكل الرواسب الساحلية أراضى صحراوية رسوبية مثل نهر النيل والفرات وكلورادو حيث نجد أن الدلتا الساحلية الرسوبية غالباً ما تعانى من مشاكل التملح الثانوي نتيجة العديد من العوامل وتعانى من التصحر.
ويمكن إدخال مثل هذه المساحات في الإنتاج الزراعي ذي القيمة الاقتصادية عن طريق زراعة النباتات المحبة للملوحة (الهالوفيت) وريها باستخدام مياه البحر. كذلك الصحراء الساحلية الرملية على امتداد ساحل البحر الأحمر والخليج العربي، وكذلك المحيط الهندي وخليج كاليفورنيا تصلح لمثل هذا النوع من الاستخدام مما يضيف مساحات إضافية تصلح للري بمياه البحر، ومن هذه الأراضي التي تصلح لمثل هذا الاستخدام أيضاً أراضى السبخة الموجودة في العديد من السهول الساحلية للبحار والبحيرات، كما في شمال الدلتا سيناء - شبة الجزيرة العربية، وكذلك في السهول الجنوبية الساحلية في استراليا وبعض مناطق قريبة من التجمعات السكانية أو مدن كبيرة مثل القاهرة - بغداد - بومباي - كراتشى .. الخ. مما يشكل فرصة عظيمة للاستثمار لإنتاج أعلاف حيوانية من الهلوفيت مما يخفف الضغط على استخدام المياه العذبة والأراضي الزراعية المتاحة كما يقلل من الرعي الجائر على المراعى المتاحة القليلة نسبياً .
وكان هناك أمل أن توفر تقنية تحلية مياه البحر باستخدام الطاقة النووية حيث يمكن أن توفر مصدراً رخيصاً للطاقة اللازمة لتحلية مياه البحر حيث يمكن استخدامها في النشاط الزراعي واستصلاح الأراضي. ولكن إلى حد ما مازالت هذه التقنيات مكلفة، وتحتاج إلى استثمارات عالية ولهذا فإن استخدام مياه البحر في الزراعة مباشرة تشكل أمل متفائل وعظيم للتنمية الزراعية بطول الصحارى الساحلية بزراعة محاصيل محبة للملوحة (الهلوفيت) وذات العائد الاقتصادي.
وسنحاول في هذا المقال أن نستعرض إمكانيات هذه التقنية الحديثة وكيفية تقييم الجدوى الاقتصادية للطرق المختلفة لاستخدام مياه البحر في إنتاج العلف الحيواني. وقد حاول بعض البحاث زراعة المحاصيل التقليدية على ماء البحر مثل الشعير والذي يمكن على أقل تقدير إكمال دورة حياته على ماء البحر في المناخ المعتدل.
وقد تم افتراض أنه يمكن عمل برامج تربية لمثل هذه المحاصيل لتحسين قدرتها على تحمل الملوحة وإيجاد طفرات مقاومة أو محبة للملوحة. ولكنه حتى الآن لم يتم التوصل إلى أي نوع من المحاصيل التقليدية والذي يمكن أن ينتج كمية محصول اقتصادي مقبول تحت ظروف الري بماء البحر في مناخ الصحراء الساحلية.
وحديثاً تم اقتراح مدخل جديد وهو محاولة توطين أو تأهيل وزراعة النباتات المحبة للملوحة والتي تنمو طبيعياً في مثل هذه الظروف للإنتاج الزراعي وبالتالي يمكن الاستفادة بقدرتها الطبيعية على مقاومة الملوحة. وقد بدأت بعض البلاد كما في شمال أفريقيا استخدام هذا الأسلوب لإنتاج بذور ومحاصيل الهلوفيت باستخدام مياه البحر، ومنذ حوالي 15 سنة بدأت جامعة أريزونا تجارب حقلية لزراعة الهلوفيت في العديد من مناطق العالم الصحراوية مثل المكسيك - خليج كاليفورنيا - الإمارات العربية وخليج عمان - الغردقة في مصر وفى أربع أماكن على الخليج العربي (أبوظبى - جبيل - كويت - رأس الزور) .
ومع زيادة الخبرة والمعلومات تم زيادة القطع التجريبية 0.5-1 هكتار إلى 20-40 هكتار مزارع تجريبية واستخدام طرق ري مختلفة ابتداء من الري السطحي المعتاد إلى الري المحوري والذي يروى حوالي 250 هكتار.
وقد تم اختيار نبات هالوفيت لإنتاج بذور يستخرج منها الزيت والمعروف بأسم سالكورنيا Salicornia bigelovii torr ثم تم اختبار أصناف أخرى مثل أصناف Atriplex، شجيرات معمرة - وأعشاب ملحية وأنواع أخرى من النباتات العصيرية (لحمية النسيج) أوضحت تجارب الصوب أن ملوحة مياه البحر أكبر من حد الملوحة كافية لنمو أكثر نباتات الهلوفيت مقاومة للملوحة وأنه قد انخفض معدل نمو هذه النباتات بمعدل 50% نتيجة الري بمياه البحر.
ولكن في التجارب الحقلية أوضحت النتائج أن المحصول الحيوي السنوي ومحصول البذور قد يساوى أو يزيد عن محصول أي محاصيل تقليدية تروى بماء عذب. وأنه يمكن إنتاج محصول كتلته الحيوية Biomass في حدود من 17-34 طن/هكتار، والذي يحتوى على 11-23 طن/هكتار مادة عضوية من نباتات الهالوفيت، وباستخدام مياه البحر في تجارب حقلية على مياه البحر لمدة 6 سنوات تم زراعة نبات السالكورنيا، وتم الحصول على محصول زيتي سنوي يقدر بـ 2 طن/هكتار من محصول البذور الزيتية (مكافئ لفول الصويا أو المحاصيل الزيتية الأخرى).
وسبب قدرة الهالوفيت على إعطاء محصول وفير بالرغم من التأثير المثبط للملوحة لمياه البحر يرجع إلى العديد من العوامل التعويضية التي يستفيد منها النبات مثل الشتاء معتدل الحرارة والانعزال التام للنباتات في مثل هذه البقع الساحلية حيث لا تنافسها حشائش أو آفات أخرى وأن أصناف الهالوفيت تتمتع بموهبة بيولوجية وقدرة عالية على التمثيل الضوئي Photosynthesis والنمو .
اختيار موقع تجهيز التربة
تجهيز وتسوية الأرض من العوامل المهمة في الزراعة المروية خاصة عند استخدام مياه البحر في الري فكما هو معروف في الزراعة المروية تميل الأملاح للتراكم وإعادة التوزيع في قطاع التربة حيث يحدث تدرج في الملوحة خلال الحقل. فمثلاً المناطق المرتفعة يزداد تراكم الملح فيها. ولهذا يجب تقسيم الأرض إلى قطع قد تكون مختلفة في المنسوب ولكن يجب الاهتمام بتسوية سطح التربة في القطعة الواحدة .
وتم استخدام العديد من أنواع التربة بنجاح في أرض سلتيه طينية إلى الكثبان الرملية والمهم أن تكون التربة جيدة الصرف الطبيعي. ولهذا فإنه يجب حرث الأرض ولعمق 1 متر لتحسين الصرف خاصة في الأراضي الثقيلة. وحين يحدث للتربة الرملية انضغاط تحت الطبقة السطحية وبالتالي لابد أن يتم إعدادها من حيث الحرث العميق ثم الحرث السطحي والتسوية والزراعة ثم الري .
وبالرغم من أن العديد من أصناف الهالوفيت تتحمل ارتفاع الماء الأرضي، إلا أن الاهتمام بالصرف يعد عاملاً هاماً لمقاومة التملح. وفى حالة الأراضي الثقيلة يجب عمل مصارف سطحية على شكل حرف V، وبعمق نصف متر، وعلى أبعاد من 10-20 متر، على أن يتم صرف ماؤها إلى مصارف عميقة ويمكن سحب ماء الصرف بالمضخات إلى البحر مرة أخرى.
وغالباً فإن سطح البحر الصحراوي به خزان ضحل من المياه الملحية الجوفية والتي تمتد إلى عدة كيلو مترات من حد البحر وليس هناك أي تأثير سلبي على هذا الخزان الجوفي نتيجة استخدام مياه البحر في الري، كما أوضحت التجارب لمدة 10 سنوات. ولكن من الواضح أن الري بمياه البحر سوف يتسبب في إحداث أضرار بأي خزان جوفي للمياه العذبة ولهذا لابد من عمل دراسات هيدرولوجية للخزانات الجوفية للمنطقة المراد استخدام تقنية الري بمياه البحر (عمق - نوعية - كمية)، ويجب دراسة الخواص الهيدروفيزيقية للتربة. وإذا كان الموقع بجوار سلسلة جبال موازية للساحل كما في حالة البحر الأحمر فيجب المحافظة على المياه العذبة التي تتجمع تحت وادى الجبل أو على حافل الساحل الرملي.
احتياجات الرى بمياه البحر
من أهم القيود على استخدام مياه البحر لإنتاج الهالوفيت هو كيفية إدارة المياه Water management، فمن الضروري منع زيادة تراكم الأملاح في منطقة الجذور (الريزوسفير)، وهذا الشرط بخلاف الري بالمياه العذبة حيث يكون الري بناءً على مستوى الرطوبة الأرضية، وليس على أساس ملوحة التربة في الريزوسفير. فعادة في ظروف الري التقليدية يتم الري عندما تقل رطوبة التربة إلى 50%، ولكن في حالة الري بمياه البحر وعند نقص الرطوبة الأرضية إلى 50% يكون مستوى الملوحة في منطقة الجذر ضعف ملوحة ماء البحر مما يكون له تأثير قاسى على النبات، وينخفض المحصول بدرجة كبيرة لمعظم نباتات الهالوفيت، ولهذا فقد أتضح أنه يجب ألا يزيد نقص الرطوبة عن 25% لتقليل فرصة زيادة تركيز الأملاح بين الريات في قطاع التربة، كذلك فمن الضروري إضافة احتياجات غسيلية حوالي 25% أو أكثر في كل رية، وذلك لغسل الأملاح وطردها أسفل منطقة الجذور .
ولهذا فإن قصر فترات الري والغسيل الوافر للأملاح هو المفتاح الرئيسي لتحقيق النجاح والحصول على محصول عالي من الهالوفيت باستخدام مياه البحر. كما يجب جدولة الري من 1-10 يوم حسب نوع التربة وظروف الموسم والمناخ، فمثلاً في حالتي الكثبان الرملية أو الساحل الرملي يجب أن يتم الري بصفة منتظمة يومياً في موسم الصيف، بينما في الأراضي السلتية والرملية اللومية التي يمكن أن تحتفظ بماء كافي يمكن الري كل 10 أيام في موسم الشتاء.
التخطيط إنشاء مزرعة تروى بماء البحر
أهم عامل مطلوب لإقامة مزرعة تروى بماء البحر هو أن يكون هناك مصدر متاح وقريب وبتكلفة منخفضة لماء البحر، وتعتبر تكلفة الإمداد بماء البحر هو الاستثمار الأكبر في مثل هذا النوع من المشاريع وهو يتجاوز باقي العوامل مثل طريقة الري، كمية المياه المطلوبة، الممارسات الزراعية المطلوبة.
وعادة في حالة الإمداد المباشر من ماء البحر، يكون على هيئة رصيف بحري يمتد في البحر حيث تمتد مواسير لجلب المياه بواسطة مضخات، ويجب إنشاء قنوات ري في حقول المشروع، وكل هذه الإنشاءات تؤثر على الساحل من حيث المظهر- والاستخدامات الأخرى للساحل. كما تشكل حركة الماء والكائنات البحرية المختلفة وخواص وتأثير مياه البحر على صدأ المعادن المستخدمة في هذه المنشآت البيئية البحرية، حركة الأمواج والرياح والأعاصير_ مشاكل صعبة عديدة يجب دراستها وأخذها في الحسبان عند وضع التصميمات. ومما يجدر ذكره أن الحلول عادة ما تكون مكلفة.
أما المدخل البديل عن ذلك فهو الإمداد غير المباشر عن طريق آبار لتجميع مياه البحر مما يجنبنا العديد من المشاكل السابق ذكرها. ولهذا ففي حالة توافر خزان جوفي فإن آبار مياه البحر تمثل الحل الأمثل، ولكن قد تكون القدرة إلامدادية لهذا البئر محدودة (ظهر العديد من محدودية هذه الآبار رغم وجودها على شاطئ البحر في العديد من الدراسات)، ويستلزم عمل بعض الدراسات الجيولوجية الهيدرولوجية لتحديد أفضل الأماكن لهذه الآبار. وبعد أن يتم إيجاد مصدر للإمداد بمياه البحر فإن المهمة التالية تكون هي توصيل المياه إلى منطقة الجذور، والتي يمكن أن تأخذ العديد من الأشكال طبقاً لطريقة الري المتبعة. ففي حالة المساحات الصغيرة يمكن استخدام أسلوب الري بالغمر البسيط حيث يمكن عمل نظام يتميز بالانسياب السريع للماء في قنوات مفتوحة أو أنابيب PVC خفيفة أو أنابيب بلاستيك قابلة للطى. أما في حالة المساحات الأكبر فيمكن استخدام ماكينات الري بالرش المحوري أو الجانبي حيث يتم توزيع المياه بتجانس على الأرض حتى ولو لم تكن الأرض مستوية بدقة .
طريقة الأحواض الصغيرة المغمورة
في هذه الطريقة يتم عمل أحواض في حدود 200م2، ويتم غمرها لعمق 2-5 سم (يتوقف على مدى تسوية سطح الأرض) مع استخدام أسلوب الغمر السريع بمعدل السريان 100 لتر/دقيقة في حالة الأحواض الرملية لتفادى الفقد بالمرشح لعمق التربة. ويتم توزيع المياه على الأحواض باستخدام شبكة أنابيب PVC مدفونة، ويتم التحكم في معدل السريان داخل الحوض بواسطة Standpipe أو أنابيب قائمة يمكن إزالتها .
وكما هو معروف فإن الري بالغمر خاصة في الأراضي الرملية يحتاج إلى كميات كبيرة من مياه الري نتيجة للفقد بالرشح، ولهذا فإن الحوض الواحد الذي يغمر يومياً إلى عمق 5 سم يحتاج إلى 20 م/سنة، وهو معدل خمسة أضعاف استخدام الماء للمحاصيل التقليدية حتى النامية على أرض رملية. ويمكن خفض كميات المياه حسب الظروف المناخية ففي الموسم البارد من السنة يمكن الري كل 3 أيام أو أكثر حيث يكون البخر أقل ودورة نمو النبات بطيئة.
ويمكن بالإدارة الجيدة، الري في أحواض مغمورة عندما ينخفض الماء المستخدم إلى 10م/سنة، ولكن 80% من هذه الكمية سوف تفقد بالرشح للأعماق. وتشكل تكلفة ضخ المياه بهذه الكميات العائق الأكبر في هذه الطريقة وتكلفة إنشاء أنابيب وتعارضها مع طرق الميكنة سواء في الزراعة أو الخدمة أو الحصاد وبالتالي نحتاج إلى عمالة مكثفة .
طريقة أحواض السبخة المغمورة
تم تجربة العديد من تصميمات الأحواض المغمورة بنجاح على أرض السبخة الملحية في أبوظبى (شكل 2)، وتم تعديل التصميم بحيث يستفيد من حركة المد والجذر بدلاً من استخدام المضخات في غمر الأحواض بالحقل، وتم تجربته بمنطقة الجبيل بالسعودية. وأراضى السبخة عادة أراضى سلتيه، وذات معدل رشح منخفض (نفاذية أقل) لدرجة أنه يمكن غمر مساحة 1 هكتار أو أكثر من مأخذ ري واحد حيث أن حقل السبخة لا يكون مقسم إلى أحواض منفصلة، ولكن المساحة كلها أرض سبخة يمكن غمره إلى عمق 2-5 سم مرة واحدة.
وفى هذه الطريقة يتم إحاطة الحقل بحاجز ضيق من التربة ويوزع داخل الحاجز وعلى عمق 1م أنبوبة ري يمر منها مياه البحر أثناء المد لتغمر قنوات الري بعمق نصف متر لتوزع مياه هذه القنوات على أبعاد 10 متر حيث تحمل المياه إلى مهد النباتات. كما يتم عمل بوابة للتحكم في مستوى الماء في الحقل، ولغمر الحقل تقفل البوابة ويسمح لمياه البحر (سواء نتيجة لحركة المد أو باستخدام مضخة) بالمرور في أنبوب الري الرئيسية ومنها إلى قنوات الري وخطوط النباتات، ولصرف المياه من الحقل تفتح البوابة ونظراً لعدم انتظام المد والجذر فإن الأمر يحتاج إلى مضخة غالباً.
وتم تجربة هذه الطريقة بنجاح في زراعة المانجروف Mangrove، السالكورنيا في أبوظبى حيث نمت على أرض سبخة وباستخدام مياه البحر 50 جم ملح/لتر في الري. وتم تخفيض ملوحة التربة قبل الزراعة من 80-120 جم/لتر في طبقة 10سم بالغسيل بمياه البحر خلال أسبوع واحد باستخدام 3 دورات غمر وصرف متتالية حيث انخفضت الملوحة إلى 50 جم/لتر. وكان يتم الري كل 2-3 يوم صيفاً وكل 4-5 يوم شتاء.
ويجدر الذكر أن معظم الماء المستخدم يفقد في الصرف السطحي ولذلك فإن كفاءة استخدام الماء منخفضة ولهذا التصميم يصلح فقط في حالة الأرض السبخة التي يمكن الاعتماد على مياه المد والجذر في الري ودون الحاجة إلى استخدام مضخات .
أحواض الغمر الكبيرة
هي أكثر الطرق المستخدمة في الري السطحي، وتم إقامة هذه التجربة على أرض رملية لومية في خليج Kimo بالمكسيك حيث تم زراعة السالكورنيا كمحصول بذور زيتي على مساحة 20 هكتار كمزرعة تجارية منذ عام 1986. وقد تم تقسيم المزرعة إلى قطعة 1 هكتار (شكل 3).
وتم استخدام بئر ماء البحر في الري من 5-10 يوم بعد الإنبات وكمية الماء المستخدمة كانت 3-4 متر/200 يوم للمحصول. وهذا المعدل يقع في حدود معدلات المحاصيل التقليدية، ولكن تعتبر كفاءة الري نسبياً قليلة لأن حوالي نصف الماء المضاف يفقد بالصرف تحت منطقة الجذر.
الرى بالرش المحورى
الري بالأذرع المتحركة تم تعديله لاستخدام ماء البحر، وتم اختباره في مزرعة بالجبيل بالسعودية، وتم تجربته على مدى أوسع - حوالي 300 هكتار في مزرعة مخصصة للري بمياء البحر في رأس الزور بالسعودية - (شكل 4).
وقد تم زراعة السالكورنيا حيث يمكن استخدام الري بالرش بماء البحر في أول 100 يوم (حتى مرحلة تكوين الأزهار) ثم يستخدم أنابيب تنقيط توضع على رأس كل نقاط لتوصيل المياه إلى مستوى الأرض بجوار النباتات النامية وكمية الماء المستخدم في الري والغسيل كانت حوالي 2-3م طول فترة نمو المحصول 250 يوم (حوالي 1.25-1.5 مدة قدر معدل البخر). والآلات والأنابيب المستخدمة في هذا النظام يجب أن تكون مقاومة لتأثير ماء البحر وفى حالة إذا ما احتاج محصول الهالوفيت للري يومياً يجب ألا يزيد حجم المزرعة عن 50 هكتار.
الرى بالتنقيط
يتم استخدام طريقة الري بالتنقيط باستخدام مياه البحر لري شجيرات القطف Atriplex shrubs، وتم الحصول على محصول حيوي عالي، ولم تظهر مشاكل تجمع الأملاح وانسداد النقاطات حيث يتم الري باستمرار يومياً، وكذلك يقل تراكم الملح أكثر عند دفن النقاطات في التربة بدلاً من وضعها على سطح التربة.
ومن الخبرات المتراكمة تبين أن الري بمياه البحر يتوقف نجاحه على كفاءة نظام الري المستخدم ،وكنتيجة لانخفاض كفاءة الري يستخدم كميات كبيرة من مياه البحر على ألا يسمح باستنزاف المياه حتى تصل إلى نقطة الذبول بين الريات لأنه في هذه الحالة سوف يكون تركيز الملح عالي جداً في منطقة الجذور مما يؤثر على المحصول بل يجب أن تحفظ رطوبة التربة قريبة من السعة الحقلية عند أي وقت وهذا يعنى أن كفاءة كل رية يجب أن تكون مرتفعة على قدر الإمكان .
استخدام النباتات المحبة للملوحة كعلف للحيوان
نباتات الهالوفيت معروفة بأنها مصدر تقليدي لتغذية الحيوان بالرغم من بعض المشاكل التي تصاحبها مثل احتوائها على تركيزات عالية من الأملاح، محتواها القليل من الطاقة وانخفاض مدى الاستساغة بواسطة الحيوان مقارنة بالأعلاف التقليدية. وحتى يكون زراعة الهالوفيت مجدياً اقتصادياً يجب أن يكون أدائها كأعلاف أكبر أو على الأقل مساوياً للأعلاف التقليدية، وقد أثبتت العديد من الدراسات أنه في ظل عدم توفر الأعلاف الكافية للحيوان خاصة في ظروف المناطق الصحراوية فإن أصناف معينة تم زراعتها بنجاح ويمكن استخدامها كبديل للأعلاف .
ويجب أن نراعى أنه في حالة استخدام الهالوفيت كأعلاف فقد تحتاج الحيوانات زيادة استهلاك مياه الشرب، وقد ترتفع نسبة استهلاك العلف لكل وحدة زيادة في وزن الحيوان، وذلك نتيجة لزيادة المحتوى المعدني في الهالوفيت، وعندما نستخدم الهالوفيت بكفاءة مع خليط مكونات العليقة فإن الزيادة في الوزن وخصائص الذبيحة المغذاة على مكونات عليقة تتضمن الهالوفيت يكون مساوياً لتلك المغذاة على الأعلاف التقليدية. ومن أكثر نباتات الهالوفيت التي درست واستخدمت كعليقة هو صنف السالكورينا والقطف كما يتضح من الجدول المرفق. وأظهرت النتائج بجامعة اريزونا على الأغنام أنه يمكن استخدام السالكورنيا (بذور - وسوق)، وكذلك القطف كبديل للعلائق المصنعة من حشائش البرمودا أو علف بذرة القطن. ويتم زراعة السالكورنيا (نبات عصارى) لإنتاج بذور الزيت والقش، ويمكن استخلاص الزيت بعصر البذور، ويتبقى مواد عضوية خالية من الأملاح، ويمكن استخدامها في علائق الحيوان، كما يمكن استخدام الزيت كمصدر عال للطاقة في تغذية الحيوان خاصة الدواجن. ومن الجدير بالذكر أن المواد المتبقية بعد استخراج الزيت تحتوى على 33-43% بروتين خام (حيث تتوقف هذه النسبة على مقدار الزيت بعد العصر).
وقد تحتوى الحبة على كمية من مادة الصابونين التي تتعارض مع تغذية الدواجن ولكنها مصدر مقبول للبروتين، وتصلح تغذية للحيوانات المجترة. ويحتوى قش السالكورنيا على 30-40% رماد معدنى وكمية قليلة من البروتين 4-6%. ومكونات الألياف يمكن هضمها بسهولة ولوحظ أن معدل نمو الحيوانات المغذاة عليها يكون مساوياً لنفس المجموعة التي تم تغذيتها على عليقة حشائش الروادس والبرمودا الساحلية، قش القمح أو خليط بين قش القمح من البرسيم طالما أن عليقة الحيوان متزنة فى محتواها من البروتين والطاقة.
ويمكن إزالة الملح من القش بنقعه فى ماء البحر لمدة ساعة لإذابة الأملاح من عصارة الخلايا ثم يتم صرف الماء وضغط القش لإنقاص الرطوبة إلى 50% أو أقل، ويكون الناتج عادة محتوياً على 10% كلوريد الصوديوم.
ويوضح الجدول أسفله أداء الأغنام المغذاة على مكونات أعلاف الهالوفيت (جامعة أريزونا) . ومعاملة المقارنة المكونة من 30% حشائش البرمودا الساحلية، 10% كسب بذرة القطن فى عليقة القطف أو السالكورنيا حيث تم استخدامهم بدلاً من قش البرمودا، كما تم استبدال بذرة القطن ببذور السالكورنيا، وكانت جميع العلائق تحتوى على 10% مولاس + 50% بذور السورجم (عدد حيوانات التجربة 6 غنم/معاملة) .بالمقارنة بقش السالكورنيا، يحتوى قش القطف على 20-30% أقل من محتوى الرماد وعلى 10-25% أكثر من البروتين، وتختلف القيمة الغذائية طبقاً لصنف الهالوفيت ووقت الحصاد والجزء من النبات الذى تم حصاده، وقد خلصت إلى بعض التوصيات اللازمة للحصول على الاستفادة القصوى من أعلاف الهالوفيت، والتى تنمى على مياه البحر بأنه يجب تجفيفها تم قطعها إلى أحجام صغيرة، وخلطها فى مكونات عليقة مع الأخذ فى الاعتبار أن محتوى العليقة على مصدر كافى من الطاقة والبروتين وألا يزيد محتوى الملح عن 10% فى العليقة الكلية.
ونخلص من هذه النتائج إلى أنه يمكن استخدام تقنية رى واستزراع أصناف الهالوفيت باستخدام مياه البحر لتنمية المناطق الصحراوية الساحلية وإنتاج أعلاف حيوانية وتغذية الحيوان عليها والحصول على منفعة اقتصادية واجتماعية فى هذه المناطق .
المصدر: منتدى مزارع العرب
وهذا مصدر أخر
http://gafrd.kenanaonline.com/posts/86715